أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / جماعات الضغط ( Pressure group ) .. د. ضرغام الدباغ / برلين

جماعات الضغط ( Pressure group ) .. د. ضرغام الدباغ / برلين

وتنشأ بسبب ظروف سياسية واجتماعية وديمغرافية، تكتلات تؤسس لنفسها مصالح مشتركة، وقد يكون لهذه التكتلات / الكيانات، ثقل ديمغرافي، أو ثقافي، بمجاميع الضغط ( Pressure group ). وتسعى هذه التجمعات وقد يطلق عليها باللوبي (Lobby) والكيانات اللوبي لا تضع استلام السلطة من بين مهامها وأهدافها ولكنها قد تضع نفسها في حسابات الكتل البرلمانية مع هذا الطرف أو ذاك بقدر توافقها مه أهدافها التي هي في الغالب تقديم حماية اقتصادية لمجاميع مهنية، أو الدعم الثقافي لأثنية معينة في البرلمان أو في الحياة الاجتماعية / الثقافية. اللوبي بحد ذاته ليس قوة سياسية، ولكن يمكن توظيف اللوبي من أجل هدف سياسي من خلال تجمع قوى يرمي إلى هدف سياسي في نهاية المطاف.

فعلى سبيل المثال هناك لوبي قوي داخل الحياة البرلمانية الأمريكية والكونغرس، يختص بحماية منتجي الأسلحة الفردية (مسدسات وبنادق) التي تباع في الولايات المتحدة كما تباع أي سلعة، ويعزي علماء وخبراء الاجتماع، أن أحد أسباب انتشار الجرائم في الولايات المتحدة هو سهولة اقتناء السلاح، ويقدم نواب البرلمان دوريا مشروع فانون يحظر انتاج السلاح او بيعه السهل، ولكن لوبي(تجمع نواب) المؤيدين لتجارة السلاح(وبالطبع هذا التأييد ليس مجانياً) يعارضون القانون ويحبطوه.

ومثل هذا اللوبي (جماعة ضغط) هناك عدة لوبيات في الكونغرس منها مثلاً: اللوبي الداعم لإسرائيل (إيباك / AIPAC) وهذا اللوبي يفعل ما في وسعه لدعم إسرائيل بكافة الوسائل، وهناك لوبي أرمني، ولوبي يوناني، وربما لوبيات أخرى .

(الصورة: مبني ومقر اللوبي الداعم لإسرائيل AIPAC في واشنطن)

لاحظنا أن جماعات الضغط اللوبي، يمكن أن تكون لحماية قطاع من الصناعيين، أو دعماً لمصالح دولة أجنبية، أو أقلية إثنيية أو ما شابه. وهي غير تلك القوى الاستخبارية أو العسكرية. وهنا ينبغي التميز بدقة بين القوى الضاغطة التي لها وزن معين ضمن الوضع السياسي العام، قد يكون دوراً مهماً، إلا أنه محصور في قضية معينة، بينما القوى الاستخبارية أو العسكرية (قوات النخبة) لها دور أكبر ويتسم بالحيوية والاهمية على أمن الدولة وأسسها.

ما هى جماعات الضغط ؟
واللوبي “Lobby” باللغة الإنكليزية تعني الردهة الأمامية في فندق، وتستخدم هذه الكلمة في السياسة على الجماعات أو المنظمات التي يحاول أعضاؤها التأثير على صناعة القرار في هيئة أو جهة معينة، وقد تبلور هذا المصطلح في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 1830 عندما بدأت مجموعات المصالح تمارس الضغوط على الكونغرس وحكومات الولايات.

جماعات التأييد المعروفة أيضًا باسم جماعات الضغط أو اللوبي أو جماعات الحملات أو جماعات المصالح أو جماعات الاهتمامات الخاصة، تستخدم أشكالًا متنوعة من التأييد للتأثير على الرأي العام وقد يكون لها تأثيرها على السياسة بأسلوب تخادم المصالح، (تبادل الإسناد وقت الضرورة) وقد قامت فعلاً بأدوار مهمة بطريقة التخادم (يؤيد لوبي إيباك، مشروعاً لصالح اللوبي اليوناني، مقابل دعم مماثل من اللوبي اليوناني لإيباك وقت الحاجة) وقد أدت دورًا مهمًا في عملية تطوير الأنظمة السياسية والاجتماعية وما زالت. وتتباين اللوبيات كثيرًا من حيث الحجم والتأثير والدافع؛ فبعضها لديه العديد من الأهداف الاجتماعية الطويلة المدى، والبعض الآخر متخصصة أو نشأت كرد فعل لقضية أو مسألة حالية.

تُعد جماعات الضغط أو اللوبيات في العصور ما بعد الحرب العالمية الثانية، من أهم وأكثر التكتلات البشرية التي تؤثر على سياسات المؤسسات والشركات بل والسياسة العامة لدول بأكملها حتى الدول العظمى. من خلال أنتشارها وقدراتها وتحكمها في الكثير من وسائل الضغط (وسائل الإعلام بصفة خاصة) وعلاقاتها الوثيقة بالأشخاص البارزين في كل مجتمع وكبار رجال الدولة تعمل تلك المجموعات على الحفاظ على مصالحها وأهدافها .

فاللوبي عبارة عن جماعة مجازة بصفة قانونية منظمة تدافع عن قضايا ومواقف ومصالح معينة، محددة لدى السلطات العامة في الدولة، يجمع بين أفرادها مصالح مشتركة وتنشط فى سبيل تحقيق هذه المصالح عن طريق الاتصال بمسؤولى الدولة ومؤسساتها ومحاولة إسماع صوتها مستخدمة كل ما تملك من وسائل متاحة وفى مقدمتها أسلوب الضغط، وتلعب اللوبيات دورًا محوريًا وهامًا في الحياة السياسية، حتى بات معروفًا بأن لوبيات الضغط القوية هي من تقف وراء اتخاذ للقرارات وهي التي تصنع السياسة المتبعة داخل الدولة وفي حالة وجود لوبي قوي من لوبيات الضغط في دولة معينة ينحصر دور سلطات تلك الدولة في إضفاء الصفة الرسمية على تلك السياسات والقرارات.

تضم جماعات الضغط، مهما اختلفت مسمياتها، ثلاثة عناصر مهمة :
• يضم اللوبي عدد من الأشخاص.
• لا يسعى اللوبي الوصول إلى السلطة.
• السعي بواسطة التأثير السياسي / الاقتصادي / الثقافي للتأثير على السلطة.

يمكن أن تستند دوافع العمل إلى موقف سياسي أو عقائدي أو أخلاقي أو تجاري مشترك. وتستخدم الجماعات أساليب مختلفة لمحاولة تحقيق أهدافها، وتتضمن الضغط السياسي، بواسطة أستثمار الموقف والوزن الانتخابي، والحملات الإعلامية والأساليب الدعائية والاستفتاءات التي تقوم بها معاهد قياسات الأي، وكبريات الصحف، والأبحاث والندوات السياسية. وتحظى بعض الجماعات بدعم مؤسسات تجارية قوية أو مصالح سياسية، وتؤثر بشكل كبير على العملية السياسية.

تضم جماعات الضغط، مهما اختلفت مسمياتها عناصر مهمة؛ أنها تجمع (برلمانيون ــ رجال سياسة ــ صناعيون ــ شركات كبرى)، ولا يسعى اللوبي للوصول إلى رأس السلطة، ولكن اللوبي يِسعى إلى التأثير على السلطة، وعلى صانعوا القرارات الحاسمة.
كيف تؤثر الجماعات الاقتصادية في السياسات العامة؟
• تتيح التكاليف الضخمة للحملات الانتخابية لرجال الأعمال فرصا أفضل من غيرهم للإنفاق على الدعاية والمؤتمرات الجماهيرية وغيرها بذلك يلجأ الى دعمهم أغلب المرشحين مقابل اتفاقيات مسبقة تنص على خدمات يقدمها المرشح الحاصل على مقعد في البرلمان من خلال موقعه البرلماني
• قدرتهم الاقتصادية تتيح لهم شراء أصوات الناخبين ذوي المستويات المعاشية المتدنية.
• استغلال هذه الفئة للحصانة والمزايا التي تمنحهم إياها عضويتهم في البرلمان لأجل تيسير أنشطتهم الاقتصادية.
• زيادة نسبة رجال الأعمال داخل المجالس النيابية والأحزاب الحاكمة يتيح لهم فرصا لتوجيه النظام السياسي الوجهة التي تحقق مصالحهم، من خلال السيطرة على هيكل صنع القرار السياسي، بذلك يكون الجمع بين السيطرتين الاقتصادية والسياسية

تنطوي صناعة القرار السياسي مغريات تدفع رجال الأعمال نحو تعميق التحالف بين الفئتين لتحقيق مكاسب مشتركة قد يكون الكثير منها غير متسق مع المصلحة العامة، أو في غير صالح الفئات الأخرى الغير قادرة على إيصال ممثليها إلى المجالس النيابية بنفس القدر المتاح لرجال الأعمال

الكثير من القوانين والقرارات الحكومية المتعلقة بالقضايا الاقتصادية في مراحل التحول تصب في اتجاه تدعيم مصالح الفئات القادرة، وهو أمر يتسق مع توجهات المؤسسات الاقتصادية الدولية، الأمر الذي يثير الشكوك حول علاقات رجال الأعمال الوطنيين مع هذه المؤسسات الدولية.

يبدو أن رجال الأعمال الطامحين إلى المناصب السياسية لا يمتلكون اتجاهات سياسية واضحة، الأمر الذي يجعلهم بغض النظر عن الأحزاب التي ينتمون إليها يشكلون كتلة ذات مصالح متشابهة في مواجهة الفئات الأخرى.

العديد من أبناء المسئولين السياسيين وأقاربهم قد أصبحوا من كبار رجال الأعمال اعتمادا على نفوذ آبائهم وأقاربهم وأصبح بعضهم أقرب إلى رجال الأعمال منه إلى السياسة، اي أصبح بعضهم مدافعا بقوة عن مصالح رجال الأعمال التي تتفق ومصالحه.

استمرار سيطرة جهاز الدولة على أجهزة القمع واحتكار القرارات المهمة وغياب الشفافية يتيح للمسئولين السياسيين قدرة غير محدودة على مقايضة القرارات السياسية بالمصالح الاقتصادية
إذا كان التنافس بين فئات المجتمع ظاهرة صحية بصفة عامة، فإن قدرة فئة معينة على فرض وجهة نظرها لعوامل تتعلق بقدرتها على التأثير وليس لأسباب موضوعية في إطار المنافسة للوصول إلى أفضل القرارات “.

الديمقراطية / جماعات الضغط وجماعات المصالح والنقابات، موقع : التعليم من المشاركة
وفي الدول التي نظامها السياسي، غير متعدد من جهة قنوات القرار السياسي، فإن استمرار سيطرة جهاز الدولة على أجهزة القمع واحتكار القرارات المهمة وغياب الشفافية، سيتيح للمسئولين السياسيين قدرة غير محدودة على مقايضة القرارات السياسية بالمصالح الاقتصادية. ولكن هذا سيفسح المجال للفساد في الدولة.

شبَّه الصحفي والكاتب كريستوفر هيتشنز نظريات المؤامرة بــ”أدخنة عوادم الديمقراطية”، معتبراً أنها النتيجة التي لا يمكن تجنبها حين تتوافر كمية كبيرة من المعلومات المتداولة بين عدد كبير من الناس.قد تُعطي نظريات المؤامرة شعورًا بالرضا من الناحية العاطفية، فمن خلال إلقاء اللوم على مجموعة لا ينتمي إليها مُدَّعي ومصدق هذه النظرية، وهو بالتالي ما يعفيه من المسؤولية الأخلاقية أو السياسية في المجتمع،

كتب الصحفي روجر كوهن في النيويورك تايمز بأن “العقول الأسيرة تلجأ إلى نظرية المؤامرة لأنها الملاذ الأخير للضعفاء، إذا لم تستطع تغيير حياتك الخاصة، فلا بد من وجود قوة كبرى تسيطر على العالم.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *