كتب بوعلام غبشي
حظيت أغنية لفنانة إسرائيلية باهتمام واسع من طرف رواد مواقع التواصل العرب، لكونها عملا فنيا فريدا من نوعه، ليس من عادة الأذن العربية الاستماع لمثله. فالأغنية، التي تحمل عنوان “العرب ملاح”، أدتها باللغة العربية الفنانة الملتزمة نوعام شوستر إلياسي، ومررت عبرها رسائل ليس للإمارات فقط، التي تتحدث عنها كلماتها، بل لكل الأطراف المساهمة في عمليات التطبيع بما فيها بلدها إسرائيل. وهي من الأصوات القليلة التي لا تتردد في وضع الأصبع على الجرح في سياسة بلادها تجاه الفلسطينيين.
“دبي دبي دبي”، بداية كلمات أغنية كتبتها وغنتها مطربة إسرائيلية، تجاوز صيتها حدود المنطقة، وصارت معروفة على نطاق واسع في الأوساط العربية والغربية أيضا. وقد يبدو للوهلة الأولى، أنها تمجد الإمارات إلا أنها في حقيقة الأمر توجه رسائل بالكثير من السخرية حول التطبيع.
ووقعت كل من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين في سبتمبر/أيلول 2020 اتفاقيتين تاريخيتين لتطبيع العلاقات في البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكية واشنطن، بحضور رئيس الولايات المتحدة آنذاك دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزيري الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني، قبل أن ينضم المغرب والسودان لصفوف المطبعين.
فهذه الأغنية التي عرضت لأول مرة في 14 من الشهر الجاري على قناة “كان” العمومية الإسرائيلية الناطقة بالعربية، والتي لا تزال تثير فضول الجميع لسماعها ومعرفة مضمونها، استثمرت فيها الفنانة الإسرائيلية نوعام شوستر إلياسي كل مهاراتها في الكوميديا، وكتابة الكلمات، وحتى الأداء، واستطاعت أن تعيد موضوع التطبيع للواجهة مجددا.
لكن هل هذه الفنانة مع أو ضد التطبيع ومن المستهدف حقيقة من أغنيتها؟ هناك من اختلط عليهم الأمر، ولم يتمكنوا من تحديد وجهة رسالتها. وهناك من التقطها، وفهم أن نوعام شوستر إلياسي، تحمل قضية، تدافع بموجبها عن الحق الفلسطيني… ولا تغني من أجل الغناء.
“في آخر النفق ضوء”
“أنا متحمسة كثيرا…مرحبا…أنا هيفاء وانابي…سأغني أغنية جديدة التي كتبتها بالعربي بمناسبة السلام مع دبي… من المهم حقا بالنسبة لي أن أبعث برسالة حب وسلام لكل العرب. خاصة إذا كانوا يعيشون على بعد أكثر من 4000 كيلومتر من هنا”.
بهذه الطريقة الساخرة قدمت إلياسي نفسها للجمهور قبل أن تعرض أغنيتها على قناة “كان”، وكانت اللهجة التي تحدثت بها تحمل بين طياتها رسائل سياسية عديدة، اختارت ضمنها أن تلقب نفسها باسم هيفاء وانابي في إيحاء استفزازي لذوق فئة من هواة سماع المطربة اللبنانية المعروفة هيفاء وهبي. ثم ختمت تقديمها بابتسامة عريضة مصحوبة بإشارة حب هزلية رسمتها باليدين.
وبعدها، تشرع الفنانة الإسرئيلية في أداء أغنيتها: “في آخر النفق فيه ضي (ضوء).. لو كل العرب زي، دبي دبي دبي. بحبوا شعب إسرائيل حي.. ما راح يرمونا بالمي… دبي دبي دبي”. وتواصل في مقطع لاحق: “ما فيش أحلى من العرب، معهم ملايين، ونسيوا شعب انتكب، نسيوا فلسطين..”.
ثم تغني في مقطع آخر، “نسوا أن غزة حاصرناها..”، لتصل الأغنية إلى نهايتها على إيقاع وبأداء رقيقين عبر هذه العبارة الكاريكاتورية مع ما تحمله من دلالات سياسية، تقول فيها: “سأحبسكم بالمحسوميم (الحواجز) وآخذ سيلفي بالمجداليم (الأبراج).. دبي دبي دبي”.