أخبار عاجلة
الرئيسية / عاجل / رئيس الوزراء وعد بتخفيف آثار التعويم على المواطنين وتركهم للغلاء

رئيس الوزراء وعد بتخفيف آثار التعويم على المواطنين وتركهم للغلاء

وسط تراكم المشكلات الاقتصادية وانهيار الجنيه أمام الدولار، وارتفاع الأسعار بشكل يومى، وانشغالها برفاهية وزرائها، تناست الحكومة المواطنين، وتبخرت وعودها بتخفيف آثار تعويم الجنيه عليهم، وراحت أدراج الرياح.

فمبلغ الدعم الذى زاد 3 جنيهات بعد تحرير سعر الصرف ليصل إلى 21 جنيهاً للفرد التهمته زيادة أسعار السلع التموينية، والعلاوة لم تعد تسمن ولا تغنى من جوع بعد أن وصلت الأسعار لمعدلات غير مسبوقة، وحتى الرقابة الحكومية التى ادعتها الحكومة من قبل لضبط الأسواق لم تتم، وبذلك أصبح المواطن المصرى بلا غطاء أمام غول الأسعار الذى لا يرحم، وجشع التجار، وراح الجميع يتساءلون عن الدعم والمساندة الحكومية للمواطنين الذين أضيروا بسبب الإجراءات غير المدروسة.

ذات مساء قررت حكومة المهندس شريف إسماعيل تعويم الجنيه أمام الدولار، وتركت الحبل على الغارب للتجار يفعلون ما يشاءون بالمواطنين، واشتعلت أسعار كل شيء بحجة ارتفاع أسعار الدولار الذى قذف من 8٫88 جنيه إلى 19 جنيهاً قبل أن ينخفض مؤخراً ليدور حول 17 جنيهاً.

ورغم الانخفاض الأخير إلا أنه ما زال مرتفعاً، حتى وصلت أسعار السلع لمعدلات غير مسبوقة، وتحامل المواطنون على أنفسهم على أمل أن تفى الحكومة بوعودها فى تقديم مزيد من المساعدات لهم لتخفيف الأضرار الناتجة عن تحرير سعر الصرف عليهم، وطال انتظار المواطنين.

وكان أول الغيث هو زيادة الدعم المقرر على السلع التموينية 3 جنيهات للفرد ليصل إلى 21 جنيهاً، وتوقف الغيث عند هذا، ومنذ صدور القرار فى شهر نوفمبر الماضى وحتى يومنا هذا لم تقدم لهم الحكومة شيئاً، وطال الانتظار واشتعلت الأسعار أكثر وأكثر إلا أن شيئاً لم يحدث.

وراح جميع المواطنين يعانون على اختلاف دخولهم، حتى إن وزير التموين اللواء محمد على مصيلحى الذى يتقاضى 35 ألف جنيه راتباً شهرياً مثل أى وزير فى مصر، أعلن أن زوجته تعانى من ارتفاع الأسعار، فما بالنا بالمواطنين الذين يتقاضون رواتب محدودة وأصحاب المعاشات وغيرهم من محدودى ومعدومى الدخل فى مصر؟!

وإذا عدنا إلى المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء فسنجد أنه سبق وأعلن فور اتخاذ قرار التعويم ورفع أسعار المحروقات أن حكومته ستسعى لاتخاذ إجراءات لتعويض أصحاب الدخول المحدودة، وتخفيف آثار تحرير سعر الصرف عليهم، إلا أن هذه الإجراءات لم تدخل حيز التنفيذ سوى منح أصحاب البطاقات التموينية 3 جنيهات ليصبح مبلغ الدعم 21 جنيهاً، إلا أن اشتعال أسعار السلع التموينية التهم هذه الزيادة المحدودة، إذ ارتفع سعر كيلو السكر من 5 إلى 7 جنيهات فى البطاقة، والزيت من 9 إلى 12 جنيهاً، والأرز من 5 إلى 6 جنيهات إذا وجد، أما المحرومون من نعيم البطاقة التموينية فلم يحصلوا على أى تعويض عما لحق بهم من عذاب ومعاناة بسبب تحرير سعر الصرف. كما أن علاوة الـ10% التى منحتها الدولة للموظفين غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، لم يكن لها أي تأثير يذكر والتهمتها زيادة الأسعار والتهمت معها دخول المواطنين أياً كان حجمها، وبدأ الجميع يتساءلون عن إجراءات الحكومة للتخفيف من معاناة مواطنيها ودعمها لهم ولكن دون إجابة.

الدكتور فخرى الفقى مساعد مدير صندوق النقد الدولى السابق أوضح أن الحكومة لم تتخل تماماً عن دعم مواطنيها.. فمنظومة التعليم الحكومى والصحة مدعومة من الدولة، ومنظومة الحماية الاجتماعية تعتبر أحد عناصر الدعم، وهناك دعم المواد الغذائية ورغيف الخبز والمحروقات، وهذا النوع من الدعم يحصل عليه عدد كبير من المواطنين، ولكن نتيجة لارتفاع الأسعار زادت معاناة المواطنين خاصة الفقراء والبالغة نسبتهم 26% من إجمال السكان، وجزء كبير من أبناء الطبقة الوسطى، حيث كانت هذه الطبقة تمثل 60% من أبناء الشعب المصرى، وتأثر عدد كبير منهم بسبب ارتفاع الأسعار وأصبحوا فى حاجة إلى دعم حقيقى بعد ارتفاع أسعار السلع التموينية والكهرباء والمواصلات، ومن هنا يطالب الدكتور الفقى الحكومة بأن تمتد شبكة الحماية الاجتماعية إلى عدد أكبر من المواطنين، مشيراً إلى ضرورة إعادة النظر فى قاعدة بيانات المستفيدين من دعم الخبز والسلع التموينية والبالغ عددهم 72 مليون مواطن، وإعادة توزيع المبالغ المتوفرة بعد التنقية على المستفيدين الفعليين.

وطالب «الفقى» بزيادة مبلغ الدعم إلى 35 جنيهاً للفرد على الأقل، لأن الـ21 جنيهاً لم تعد لها قيمة بعد ارتفاع أسعار السلع التموينية، بالإضافة إلى العمل على وقف الفساد والإهدار الموجود فى منظومة البطاقات الذكية حتى يصل الدعم لمستحقيه.

وأكد ضرورة تعويض أبناء الطبقة المتوسطة وذلك بزيادة الحد الأدنى للأجور ورفع الرواتب والمعاشات بقيمة سنوية لا تقل عن 20% حتى تتواءم مع زيادة الأسعار، مع ضرورة العمل على محاربة التضخم وتحويل الدعم العينى إلى نقدى، وتوسيع قاعدة المستفيدين من معاش تكافل وكرامة وزيادة مبلغ الدعم الموجه لهذه الفئة، وتوفير فرص عمل للشباب والمرأة المعيلة.

وتمثل الطبقة المتوسطة فى مصر حوالى 60% من المجتمع، ووفقاً للتقسيم الأكاديمى تنقسم هذه الطبقة إلى 3 شرائح: الأولى هى الشريحة العليا الأقرب للغنى وهى لا تزيد على 5%، والثانية هى الشريحة الوسطى التى تضم الضباط والمحامين والمهندسين والأطباء وغيرهم من المهنيين ويمثلون من 20% إلى 30%.

والشريحة الثالثة هى الشريحة الدنيا وهى الأقرب للفقر وتمثل حوالى 65% من أبناء الطبقة الوسطى، وهذه الشريحة الأخيرة تجاهد منذ فترة حتى لا تسقط فى مستنقع الفقر، إلا أن ارتفاع الأسعار بعد التعميم وما يتبعه من ارتفاع نسبة التضخم التى وصلت إلى 26%، ومع ثبات الدخول وتآكلها فإن هذا كله سيؤدى إلى انهيار هذه الشريحة وزيادة معاناتها، ولذلك يطالب الدكتور أحمد يحيى أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس بضرورة وضع تعريف لمحدودى الدخل لأن ذوى الدخول المنخفضة لا توجد لهم مظلة حماية مثل محدودى الدخل.

فمثلاً الموظف الذى يعمل فى الحكومة أو القطاع الخاص ودخله محدود أو ضئيل لا يمكن أن يحصل على معاش، حتى أصحاب الدخول المتوسطة الذين تدهورت دخولهم نتيجة لارتفاع الأسعار فهؤلاء يجب أن تكون لهم مظلة لضمان توفير حياة كريمة لهم، ومن ثم يجب أن يحسب المسئولون الحد الأدنى لمعيشة الفرد عيشة كريمة، وذلك من خلال الدراسات والأبحاث ومن يقل دخله عن المبلغ المحدد تشمله برامج الرعاية الاجتماعية، لأن زيادة الأسعار بهذا الشكل أدت إلى معاناة كثير من المواطنين لا تعلم عنهم الحكومة شيئاً لأنهم لا يندرجون تحت طبقة الفقراء والمهمشين.

وأشار إلى أن التحول للدعم النقدى أصبح ضرورة فى ظل ظروف المجتمع، ومعاناة المواطنين للحصول على السلع وانتشار الفساد الذى أفقد منظومة الدعم الهدف منها، لذلك يجب إلغاء الدعم العينى واستبداله بدعم نقدى يستفيد منه الفقراء وذوو الدخول المنخفضة من أبناء الطبقة الوسطى والدنيا، مع ضرورة وجود دور للدولة في القضاء على الاحتكار والسيطرة على الأسواق.

وطالب الدكتور أحمد يحيى بضرورة ألا يكون مبلغ الدعم النقدى ثابتاً وإنما يكون متغيراً حسب زيادة الأسعار أو انخفاضها وحسب نسبة التضخم، وحسب دخل الفرد وعدد من يعولهم وسنهم وحالتهم إذا كانوا فى سنوات الدراسة أم لا.

وبناء على كل هذه المعايير يحدد المبلغ الذى يجب أن يحصل عليه كل فرد وكيف يتم تقديمه له، سواء على شكل زيادة على الراتب أو المعاش، أو منحة دراسية لأبنائه تنتهى بعد تخرجهم، وأكد أن هذه الإجراءات يجب أن تبدأ فيها الحكومة بسرعة لأن معاناة الناس زادت خلال الأشهر القليلة الماضية، وإذا استمر الحال على ما هو عليه ستنفجر الأوضاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *